الأربعاء، 9 مايو 2018

الإبرة ولاعب البيسبول، أبطال عالم وآسياد في السيري آ


الجزء الأول من الفصل الخامس..من آلة الزمن الإيطالية وتأريخ موسم 1982/1983
- فكرة وإعداد: حسين ممدوح
-سبق وأن نشرت هذه المادة على موقع جول العربي

لأن كرة القدم الإيطالية ضربت مثالًا لسنوات وعقودات في كيفية تقديم صورة فنية كاملة وشاملة يتلاقي فيها المُمتع والحماسي، التكتيك بالقوة ، المواهب الفطرية البديعة من جميع أنحاء العالمبالأصالة والمحافظة على ثوابت الكالتشيو، مليئة كانت بالحكايات والقصص التي لا يُمكن أن تنسى، كانت هى أيضًا تلك الفكرة في ذهني لسنوات وها هى الفكرة تتحول لمشروع استخدمت فيه عدة مصادر سواء من البرامج الوثائقية أو المراجع التاريخية في الصحف ومواقع المُحبين، ها هو المشروع يرى النور أخيرًا..


إيطاليا..كامبيوني دِل موندو 



حقق المنتخب الإيطالي في صيف عام 1982 إنجازًا تاريخيًا بالفوز ببطولة العالم للمرة الثالثة في تاريخه بقيادة المدرب إينزو بيرزوت، في بطولة تألق فيها بشكلٍ لافت دينو زوف وجينتيلي وتارديلي، برونو كونتي "لاعب البيسبول الافتراضي"، ألتوبيلي "المُلقب بالسبيلو أو الإبرة" وعلى وجه الخصوص "باولو روسي" وآخرين من هذا الجيل الذهبي لكرة القدم الإيطالية ومن ثم بدأ الاستعداد للموسم الجديد.


السوق:
وصل زبينييف بونياك وميشيل بلاتيني لبدء معسكر إعداد يوفنتوس الصيفي وحينها وجه سؤال لجيامبييرو بونيبرتي رئيس يوفنتوس حول ما إذا كان فتح الباب للأندية الإيطالية للتوقيع مع اثنين من اللاعبين الأجانب سيؤثر سلبًا على المنتخب الوطني الذي توج مؤخرًا ببطولة كأس العالم، ورفض بونيبرتي هذا الافتراض مؤكدًا أن هذا أمر طبيعي لتطور كرة القدم، وصول بلاتيني وبونياك لقيادة وسط وهجوم يوفنتوس كان علامة على النقلة النوعية المتوقعة لفريق البيانكونيري.
أما فيما يتعلق بالصفقات الأخرى الأجنبية فكان أبرزها وصول باساريلا لفيورنتينا، آنزي مولر لإنتر بينما وصل بريدي لسامبدوريا ، كانت أول مشكلة في يوفنتوس هى احتجاج جينتيلي، روسي وتارديلي على عدم الحصول على نفس الراتب الذي حصل عليه الوافد الجديد من فرنسا "بلاتيني"، إنتر بمدرب جديد وهو رينو ماركيزي مع شراء جواري مهاجم إيفيلينو وتصعيد الحارس الشاب فالتر زينجا ليكون الحارس الثاني بعد بوردون.




أما روما مع ليدهولم فقد حظى بقدوم ألدو مالديرا نجم ميلان بعد هبوط الروسونيري للدرجة الثانية، وبوجود النجم البرازيلي فالكاو والتعاقد مع هيربرت بروشاكا من إنتر أصبح لديه لاعبين أجنبيين، فيورنتينا وصيف العام الماضي بقدوم باساريلا أصبح لديه ثنائي أرجنتيني محترم مع دانييل بيرتوني نجم الوسط وصاحب التسديدات المُبدعة، نابولي من جانبه اكتفى برود كرول ومهاجم أرجنتيني وصل من ريفير بلايت يُدعى رامون دياز، كما شهدت المسابقة وجود اللاعب الإيفواري فرانسوا زاهوي مع أسكولي.
الجولة الأولى: انتقام ليام بريدي!
سامبدوريا يسيتضيف يوفنتوس، القرعة أوقعت بريدي فورًا في مواجهة فريقه القديم الذي حقق معه بطولتي اسكوديتو وفي ملعب لويجي فيراريس في مواجهة الفرنسي العبقري الجديد في تشكيلة تراباتوني "ميشيل بلاتيني"، روما تقدم على كالياري بهدف فاتشيني عبر رأسية متقنة بعد عرضية وصلت له من الجانب الأيمن، تورينو تقدم بهدفين في الشوط الاول على إيفيلينو، وإنتر بفضل ألتوبيلي كالعادة كان متقدمًا على الوافد الجديد فيرونا بهدفين لهدف، مباراة سهلة لفيورنتينا متقدم فيها على كاتانزارو في الشوط الأول فقط بثلاثية.

في الشوط الثاني وفي الدقيقة 64 كان فيرونا قريبًا من تعديل النتيجة أمام إنتر ومرت تسديدة بجوار القائم الأيمن بقليل، بينما كان كالياري موفقًا على ملعب سانت إيليا فضربت رأسية المهاجم بيراس بسقف العارضة وسكنت شباك روما عند الدقيقة 67 لتصبح النتيجة 1-1، ولكن هدف عكسي من مدافعه ساندرو لوي أبقى روما متقدمًا بالنتيجة قبل أن يضيف ماورتسيو لوريو الهدف الثالث لروما بلمسة متقنة .بيسراه داخل منطقة الجزاء ويضمن النقاط الكاملة للفريق العاصمي.


وفي جنوى، حيث المباراة الملتهبة بين يوفنتوس "حامل اللقب" وسامبدوريا "الوافد الجديد للسيري آ" مرر كابريني كرة خاطئة لروسي في منتصف الملعب ليستخلصها الظهير الأيمن ماورو فيروني وينطلق بها متخطيًا لاعبين ثم يسدد كرة في الزاوية البعيدة سكنت شباك زوف وأعلنت تقدم السامب بهدف نظيف بعد 68 دقيقة وانتهت المباراة بفوزٍ تاريخي للسامب مع المدرب رينزو أوليفييري.


ردة فعل سامبدوريا كانت عظيمة بعد هذا الانتصار، انتصار فيورنتينا برباعية على كاتانزارو ترك انطباعًا طيبًا عن فريق دي سيستي والذي أكد رغم الانتصار "علينا أن لا نقلل من فريق كاتانزارو، إنهم جيدون ولكن الفيولا هو من كان كبيرًا اليوم"
أهداف غزيرة شهدتها البطولة الإيطالية في الجولات الأولى، سامبدوريا كان المفاجأة الأكثر إدهاشًا في الجولات الأولى فبعد فوزه على يوفنتوس أكد أن هذا لم يحدث بالصدفة، انتصارين على حساب إنتر في المياتزا بفضل فرانسيس والمراهق روبيرتو مانشيني، ثم عاد مانشيني صاحب الـ18 عامًا ليهزم روما بهدفٍ نظيف في الفيراريس، سامبدوريا على القمة بفضل هذا المراهق!، لكن هذا لم يستمر طويلًا، فبعد أول 3 انتصارات عانى السامب وتأخر ترتيبه بعدة خسارات أبرزها أمام تورينو في الجولة الثالثة بثلاثية من فرانكو سيلفادجي، جماهير سامبدوريا عشقت الآيرلندي ليام بردي سريعًا وكتبت"ليام بريدي يستطيع أن يمشي حتى على الماء".
الجولات الأولى أظهرت تغيرًا واضحًا في أفكار المدربين داخل الكامبيوناتو الإيطالية، هناك استعداد لتقبل مخاطر أكثر واللعب للهجوم، هزيمة يوفنتوس أمام سامبدوريا بهدف فيروني أكدت أن اليوفي لم يعد غير قابل للهزيمة كما كان، لكن أكثر ما كان ملاحظًا في الجولات الأولى هو الأداء المتواضع لميشيل بلاتيني الذي بدأ يتعرض لانتقادات من الصحافة الذي كان لديه مشكلة في الحسم وفي التناغم مع أسلوب كرة القدم في إيطاليا، تراباتوني أرجع ذلك إلى أن اللاعب يحتاج للتعود على حدة وقوة اللعب الإيطالي بدنيًا وأنه سيتطور، النتائج ستأتي فيما بعد، هكذا كانت تعليقات تراب الأولى، فوز يوفي على نابولي في الجولة الرابعة أعاد الهدوء لبيت "اللا ماداما"، وروسي يتوقع أن يوفنتوس سيتحسن أداءه بشكلٍ تصاعدي، لا قلق، رغم تلقي خسارتين من سامبدوريا ثم فيرونا.

في روما كانت الأمور أفضل حالًا بكثير عن نظيره ومنافسه الأساسي "يوفنتوس"، حدث تغيير في مركز أجوتسينو دي بارتوليمي بتواجده كليبرو وقيادته لدفاع روما مع فيركوود، مع نيلا ومالديرا، كان من الواضح أن ليدهولم نجح في خلق انسجام ما بين اللاعبين القدامى ورجاله الجدد في التشكيلة، أما إنتر مع المدرب الجديد "رينو ماركيزي" مع بيكالوسي وآنزي مولر فرغم تغيير الطريقة وتقديم أداء أكثر إقناعًا مع ترك مساحات في الخلف، فقد خسر أمام سامبدوريا في الجولة الثانية من البطولة، ووقع في فخ التعادلات عديد المرات مع تشيزينا، بيزا، نابولي، تورينو وفيورنتينا.
بجانب سامبدوريا، كان هناك فريق آخر يرتدي الأسود والأزرق، ليس إنتر بالطبع ولكنه الفريق الجنوبي المُنافس لنابولي تاريخيًا "بيزا"، نعم بيزا كان هذا عصره فقط بوجود رجل خارق للعادة يُدعى روميو أنكونيتاني، هذا الرجل هو من كتب تاريخ بيزا في سنوات الثمانينات، بعد سبع جولات حقق بيزا انتصارين مرموقين على حساب نابولي بهدفي كازالي وعلى حساب سامبدوريا، بفضل ثنائية الهولندي كلاوي بيرجرين وتعادل مع إنتر إيجابيًا كذلك، كان السر وراء نهضة بيزا هو الميركاتو "السوق" المحترم الذي قام به روميو أنكوينتاني، هذا الرجل الذي لو لم تعرف ما هو دوره لظننت أنه مدرب الفريق وليس رئيسه فما كان يفعله على دكة الاحتياط وتفاعله مع المباراة والجماهير يجعلك تنسى أن المدرب هو البرازيلي لويس فينشيو.

كان رئيسًا غاضبًا، متعصبًا، يصنع على الدوام الجدالات والمشاكل مع الحكام، ومتواصل بشكلٍ دائم مع الجماهير وهو ما جعله شخصية فريدة من نوعه في تاريخ اللعبة، أبرز ما كان يفعله هو نزوله ببعض الرمل ليلقي به على أرضية الملعب "تبركًا" قبل كل مباراة تقام على ملعب بيزا، وقع مع لاعبين محترمين رغم عدم وجود راعي رسمي لبيزا في هذا الموسم، لقد أضفى روميو بالفعل نكهة جديدة للسيري آ بوجوده هو وبيزا، فيرونا مع المدرب أسوفالدو بانيولي قدم أيضًا أوراق اعتماده مع مهاجم روما السابق "دومينيكو بينزو".

الخبر المحزن في بداية العام بإيطاليا هو رحيل ووفاة المذيع الشهير "بيبي فيولا" في عمر صغير، رجل عرف دومًا بحبه لإنتر وميله أيضًا تجاه نابولي، رحل فيولا وسط حزن من أوساط جميع المشجعين للأندية المختلفة، أما في روما فكان الخبر السعيد هو عودة كارلو أنشيلوتي بعد عام من غيابه بسبب الإصابة، وأيضًا انفجار بيبي برودزو بعد عدم تواجده في تشكيلة إينزو بيرزوت وأبطال العام 1982.
صالح ميشيل بلاتيني جماهير يوفنتوس بتسجيله هدف الفوز في ديربي الغضب على حساب تورينو بهدف نظيف، كان من المهم لهذا الفرنسي اللامع والذي كان مازال يتخبط لكي يتكلم الإيطالية أن يسجل ذلك الهدف وأن يُعطي لجماهير البيانكونيري هدية مرموقة تجعلهم يثقون ويؤمنون به من جديد، مع ذلك كان يوفنتوس يُعاني، إصابة بطل العالم كابريني والخسارة من أسكولي أعادت اليوفي للتخبط من جديد.

بعد 11 جولة، كان روما متصدرًا للبطولة وخلفه إنتر بفضل أهداف "ألسبيلو" أليساندرو ألتوبيلي الحاسمة التي ما توقفت أبدًا طيلة ارتداءه لقميص وشعار وألوان النيراتزوري وإليكم الترتيب..


ملاحظة: ظل الفوز يُحتسب بنقطتين في هذا الموسم والتعادل بنقطة واحدة 


الجميع كان في انتظار قمة الجولة الثانية عشر، مواجهة روما بإنتر في الملعب الأوليمبي بروما في 12 ديسمبر 1982 بملعب ممتليء عن آخره..

نتائج الشوط الأول من الجولة الثانية عشرة: تورينو 0 - فيرونا 1 ، يوفنتوس 1 - كاتانزارو 1 ، أسكولي 0 - فيورنتينا 0، نابولي 0 - جنوى 1 ، أودينيزي 1 - سامبدوريا 0، روما 1 - إنتر 0 "هدف مدهش من فالكاو من ضربة حرة على مسافة 35 ياردة تقريبًا بيمناه القوية سكنت شباك بوردون"، وكرة في القائم من جانب إنتر.

في الشوط الثاني أضاف ماركو تارديلي الهدف الثاني ليوفنتوس ليتقدم اليوفي 2-1، ثم أضاف بطل العالم العائد للتهديف الهدف الثالث في الدقيقة 60 بكرة عرضية من بيتيجا لتارديلي أسكنها في الشباك برأسه ليتقدم البيانكونيري 3-1 على صاحب المركز الأخير كاتانزارو.

بينما نجح روما في الحفاظ على تقدمه وتعزيزه في الدقيقة 89 بعد هجمة بدأها المدافع نيلا، أرسلها لبرونو كونتي وسددها كونتي بقوة لتصدم بيد بوردون وتتهادي داخل الشباك، روما في القمة منفردًا. 
 
كان من الواضح أن فيورنتينا دخل في أزمة نتائج مع جيانكارلو دي سيستي رغم البداية المتوجهة فبعد الجولة الثانية تلقى الفريق البنفسجي 3 خسارات وتعادل مرتين، وكانت خسارته أمام أسكولي بهدف لاعب ميلان السابق والتر نوفولينو ضربة قاسمة للفيولا الذي ابتعد تدريجيًا عن مراكز المقدمة، لم يندنج دانيل باساريلا مع الأجواء في فلورنسا سريعًا وبالتالي كان أداء دفاع الفيولا مع بطل العالم 1978 متذبذبًا.
أوزفالدو بانيولي، تمهيدًا لشيء كبير قادم


ظهور هيلاس فيرونا في كرة القدم الإيطالية كوجه صاعد وطموح في بداية الثمانينات استمر بفضل المدير الفني أوزفالدو بانيولي وبفضل التشكيلة القوية التي تمتع بها فيرونا هذا الموسم، بييترو فان نجم يوفنتوس السابق كان ظاهرة حقيقية في النصف الأول من الموسم بانطلاقاته وسرعته من الجهة اليسرى، مع رأس الحربة الوحيد بينزو، كان لدى الفريق الفيرونيسي آلية ومجموعة جيدة ومتلاحمة، الانتصار على نابولي الذي كان يعيش موسم من المعاناة في سان باولو بفضل هدف لا يُصدق من فان من منتصف الملعب وضع فيرونا كوصيف لروما، ولو حتى لفترة مؤقتة، وكان عليه أن يواجه روما في 30 يناير من العام الجديد ويصمد امامه ليتعادل إيجابيًا 1-1، لكن فيما بعد وفي النصف الثاني من الموسم ساءت نتائج الفريق وكان أمرًا طبيعيًا.

من شاهد لوكا توني في الألفية الحديثة وبداية القرن الجديد لم يفته الكثير، فدومينيكو بينزو مع فيرونا يشبه قصة لوكا توني مع فيرونا حرفيًا، في ذلك الموسم 1982- 1983 كان هو رأس الحربة الوحيد في تشكيلة أوزفالدو بانيولي والمتُخصص في منطقة الجزاء، سجل 22 هدف في الدوري والكأس، نافس ميشيل بلاتيني وألتوبيلي على لقب الكابوكانونييري وكذلك فعل توني مع تيفيز وإيكاردي في الموسم الماضي، قصة متشابهة، بينزو قدم أفضل ما لديه في مسيرته بكرة القدم بهذا الموسم وجعل فيرونا قريبًا دائمًا من المراتب الأولى وإن قل مجهوده في المرحلة الأخيرة من الموسم.
عاد إنتر للنتائج الإيجابية بفضل ثنائي الحسم في تشكيلة ماركيزي "أليساندرو ألتوبيلي، وبيكالوسي" إضافة للألماني انزي مولر، ولكن بطبيعة الحال كان كل شيء يسير لصالح روما، فرغم العمل الجيد لماركيزي كان الخط الخلفي لإنتر أقل جودة من خط وسطه وهجومه مما جعله يفقد بعض النقاط السهلة أمام الفرق الصغيرة، مع ذلك كان يلمع اسم الحارس الجديد الشاب في كتيبة النيراتزوري وهو زينجا..


0 التعليقات:

إرسال تعليق

مقالات تحليلة

آلة الزمن الإيطالية

المشاركات الشائعة

أرشيف المدونة